مؤسسة محمد فكري للمحاماةمؤسسة محمد فكري للمحاماةمؤسسة محمد فكري للمحاماة
01004140890 - 01110009529
[email protected]
التجمع الخامس - بجوار هايبر ماركت المحلاوي
مؤسسة محمد فكري للمحاماةمؤسسة محمد فكري للمحاماةمؤسسة محمد فكري للمحاماة

حق المشتري في التوقف عن سداد باقي الثمن أو ما يعرف في القانون بالحق فى الحبس

  • الرئيسية
  • قضايا
  • حق المشتري في التوقف عن سداد باقي الثمن أو ما يعرف في القانون بالحق فى الحبس
حق المشتري في التوقف عن سداد باقي الثمن

حق المشتري في التوقف عن سداد باقي الثمن أو ما يعرف في القانون بالحق فى الحبس

نصت المادة رقم 161 من القانون المدني على:

“في العقود الملزمة للجانبين إذا كانت الإلتزامات المتقابلة مستحقة الوفاء، جاز لكل من المتعاقدين أن يمتنع عن تنفيذ إلتزامه إذا لم يقم المتعاقد الآخر بتنفيذ ما ألتزم به”.

قرر المشرع قاعدة عامة عامة تخول المدين أن يمتنع عن تنفيذ التزامه الحال، سواء كان هذا الإلتزام تعاقدية، كإلتزام البائع بتسليم المبيع وإلزام المشتري بالوفاء بالثمن، أو كان التزامه قانونية، كالإلتزام برد غير المستحق عملاً بالمادة 185 من القانون المدني وكإلتزام البائع برد الثمن والتزام المشتري برد المبيع فور صدور حكم نهائي بفسخ عقد البيع، و إجازت تلك القاعدة العامة لكل طرف أن يمتنع عن تنفيذ التزامه حتى يقوم الطرف الآخر بالتنفيذ، وذلك إستناداً للحق في الحبس الذي نصت عليه المادة 246 من القانون المدني، بإعتبار هذا الحق إحدى وسائل الضمان المقررة للمدين حتى يقوم الدائن بتنفيذ التزامه المقابل.

ومفاد ذلك، أن الحق في الحبس مقرر في كافة الالتزامات التبادلية، سواء كان مصدرها العقد أو كانت قد ترتبت على زوال العقد مما يوجب على كل متعاقد أن يرد ما كان قد تسلمه من المتعاقد الآخر إعمالاً للمادة 182 من القانون المدني التي توجب رد غير المستحق.

وقد أورد المشرع تطبيقاً لتلك القاعدة العامة ، حصره في العقود الملزمة للجانبين عندما تكون الالتزامات المتقابلة في تلك العقود مستحقة الوفاء، فأجاز لكل من المتعاقدين أن يمتنع عن تنفيذ التزامه إذا لم يقم المتعاقد الآخر بتنفيذ ما التزم به وهو ما تنص عليه المادة 161 من القانون المدني، ومن ثم ينحصر الدفع بعدم التنفيذ، عندما يطلب الدائن تنفيذ العقد لإخلال المدين بالتزاماته المترتبة عليه، بحيث إذا زال هذا العقد لأي سبب من أسباب الإنحلال وترتب على ذلك نشوء إلتزام قانوني برد کل متعاقد ما كان قد تسلمه من المتعاقد الآخر، استنادا لقواعد رد غير المستحق، فإن وسيلة الضمان في هذه الحالة تنحصر في الحق في الحبس وليس في الدفع بعدم التنفيذ، وبإعتبارهما وسيلتين من وسائل الضمان، فإن تمسك المدين بإحداهما، رغم أنه كان يتعين عليه التمسك بالأخرى لا يسقط حقه فيها ويتعين على المحكمة ومن تلقاء نفسها إعمال الوسيلة التي توافرت بشروطها، ولا تكون بذلك قد قضت بما لا يطلبه الخصوم، مثال ذلك أن يرجع البائع على المشتري لإلزامه برد المبيع بعد فسخ عقد البيع فيتمسك المشتري بالدفع بعدم التنفيذ حتى يرد البائع له الثمن، وحينئذ ترد المحكمة هذا الدفاع إلى الوسيلة التي كان يتعين على المشتري التمسك بها وهي الحق في الحبس .

شروط الدفع بعد التنفيذ :

يجب للتمسك بالدفع بعدم تنفيذ المدين لإلتزامه توافر الشروط التالية :
1 – أن يكون الإلتزام محل الدفع ناشئاً عن عقد ملزم للجانبين، إذ يترتب على هذا العقد التزامات متقابلة تخول كل من المتعاقدين أن يمتنع عن تنفيذ التزامه إذا لم يقم المتعاقد الآخر بتنفيذ ما التزم به ومن ثم لا محل للدفع في العقود الملزمة لجانب واحد إذ لا يوجد إلتزام مقابل، كما لا يجوز التمسك بالدفع في الالتزامات القانونية المتقابلة وهي التي تنشأ بعد فسخ العقد أو انفساخه أو بطلانه، إذ تنصرف إلى إلتزام كل متعاقد برد ما كان قد تسلمه من المتعاقد الآخر بموجب قواعد رد غير المستحق عملاً بالمادة 182 من القانون المدني، ولا يبقى إلا الحق في حبس تنفيذ المدين لإلتزامه القانوني ووفقاً للمادة 246 من القانون المدني على نحو ما أوضحناه بالبند السابق .

2 – أن يكون الإلتزام محل الدفع مستحق الوفاء، إذ لا يجوز للدائن المطالبة بتنفيذ التزام مضاف لأجل لم يحل بعد، أو معلقاً على شرط واقف لم يتحقق، إذ يكفي المدين في هذه الحالات التمسك بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان، ولكن إذا أصبح الالتزام مستحق الوفاء، إما لسقوط الأجل المضاف إليه الإلتزام، أو لتأجيل تنفيذه بناءً على نظرة الميسرة التي منحها القاضي للمدين، جاز للمدين التمسك بالدفع إذ لا يحول الأجل بعد سقوطه أو نظرة الميسرة من إعتبار الإلتزام مستحق الوفاء، والإلتزام الطبيعي يكون غير قابل للتنفيذ فلا يكون مستحق الوفاء ومن ثم يمتنع على المدين به التمسك بالدفع وإلا قضى برفضه وبإلزامه بتنفيذ ما التزم به، ولا يجوز للمحكمة أن تتصدى من تلقاء نفسها لتحول الإلتزام المدني إلى التزام طبیعی، إذ يجب أن يتمسك المدين في هذا الالتزام بذلك، وحينئذ تبحث المحكمة الشروط اللازمة لذلك، فإن تبين لها توافرها، وقضت بتقادم الإلتزام، انطوى هذا على تحول الإلتزام المدني إلى التزام طبيعي، ومن ثم تتصدی للدفع بعدم التنفيذ على نحو ما تقدم.

3 – ألا يكون الدافع هو البادئ بعدم التنفيذ، ذلك أنه في العقود الملزمة الجانبين قد تتراخى تنفيذ الإلتزامات وتعاقب، مما يتعين معه أن يقوم المتعاقد الذي يحل میعاد تنفيذ التزامه، بتنفيذه على الفور دون تأخير، فإن لم يقم بالتنفيذ، وطالبه المتعاقد الآخر بذلك أو أقام ضده دعوى بفسخ العقد، إمتنع عليه التمسك بالدفع بعدم التنفيذ استناداً إلى أن المتعاقد الآخر لم يقم بتنفيذ التزامه، طالما أن ميعاد تنفيذ التزام المتعاقد الآخر كان قد حل بعد میعاد تنفيذ التزام المتعاقد الذي تمسك بالدفع، إذ يعتبر هذا الأخير هو الذي أخل أولاً بتنفيذ التزامها يحول دونه والتمسك بالدفع وحينئذ تكون الدعوى المقامة عليه، بالتنفيذ العيني أو بالفسخ، قد أقيمت على سند صحيح، مثال ذلك أن د يكون ميعاد الوفاء بأحد أقساط الثمن قد حل قبل حلول ميعاد التزام البائع بتسليم المبيع، ولم يقم المشترى بالوفاء به، وبعد ذلك حل ميعاد التزام البائع بالتسليم، وأقام الأخير دعوى للمطالبة بالقسط الذي حل أو بفسخ عقد البيع، وحينئذ لا يجوز للمشتري أن يتمسك بالدفع بعدم تنفيذ التزامه استناداً الى أن البائع لم يقم بتنفيذ التزامه بالتسليم، ذلك لأن المشتري هو الذي من أخل أولاً بتنفيذ التزامه، ولو كان قد رجع على البائع لإلزامه بالتسليم كان للبائع الحق في الدفع بعدم التنفيذ إذ أنه لم يكن هو البادئ بالإخلال بتنفيذ التزامه.
فإذا لم يرفع البائع في المثال المتقدم دعوى فسخ وقبل القسط بعد ميعاده سقط أثر الإخلال السابق واعتبر كأن لم يكن، بحيث إذا حل بعد ذلك ميعاد تسليم المبيع وأخل البائع بالتزامه بالتسليم، ثم حل بعد ذلك ميعاد أحد الأقساط جاز للمشترى حبسه، وإذا رفع البائع دعوى المطالبة بهذا القسط أو بفسخ العقد، كان للمشتري دفعها بحقه في الحبس والدفع بعدم التنفيذ، إذ لا يعتبر حينئذ هو البادئ بالإخلال بتنفيذ التزامه، إذ أعتبر الإخلال السابق كأن لم يكن، واستمر تنفيذ العقد بعد ذلك .

4 – ألا يتضمن الدفع إساءة لإستعماله، ذلك لأن التمسك بالدفع بعدم التنفيذ هو إستعمال للحق الذي يخول ذلك، والمقرر أن لصاحب الحق أن يستعمله في الحدود التي يقرها القانون، ويكون إستعمال الحق غير مشروع إذا كانت المصلحة التي يرمي إلى تحقيقها قليلة الأهمية لا تتناسب مع ما يصيب الغير من ضرر بسببها.

5 – ألا يوجد إتفاق على الحرمان من الدفع، الدفع بعدم التنفيذ قاعدة مقررة الإرادة طرفي العقد، وبالتالي ليست متعلقة بالنظام العام، ومن ثم يجوز الاتفاق على مخالفتها، سواء بالنسبة للطرفين معاً أو بالنسبة لأحدهما فقط ، بإعتبار أن العقد شريعة المتعاقدين، وقد ينصرف هذا الاتفاق في عقد البيع إذا تضمن أن المشترى أسقط خياره واشترى ساقط الخيار. (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الثالث الصفحة/ 259)

الدفع بعدم التنفيذ :

تعريف الدفع بعدم التنفيذ وأساسه :

الدفع بعدم التنفيذ، ويقال له أيضاً الامتناع المشروع عن الوفاء، هو حق كل متعاقد في عقد ملزم للجانبين في أن يمتنع عن تنفيذ التزامه حتى يقوم المتعاقد الآخر بتنفيذ ما إلتزم به فهو عبارة عن وقف تنفيذ العقد من جانب أحد المتعاقدين حتى يقوم الآخر بالتنفيذ وهو بذلك يمهد إما إلى التنفيذ وإما إلى الفسخ، ومن ثم يتصل بالجزاء الذي يترتب على القوة الملزمة للعقد، ويعد هذا الدفع في حقيقة الأمر – في معظم الأحوال – تطبيق خاص من تطبيقات الحق في الحبس، هذا المبدأ هو فكرة السبب، ذلك أنه لا يتصور إجبار المتعاقد في عقد وأساس تبادلي أن يفي بإلتزامه دون أن يكون قد تحقق له غرضه المباشر بقيام المتعاقد الآخر بتنفيذ ما عليه، ومن هنا كان الأصل في العقد الملزم للجانبين هو تعاصر التنفيذ .

نطاق الدفع بعدم التنفيذ ونطاق الحق في الحبس :

الحق في الحبس هو الأصل، أما الدفع بعدم التنفيذ فهو تطبيق من تطبيقات هذا الأصل في دائرة العقود الملزمة للجانبين: فقد نصت على حق الحبس المادة 246 مدني بقولها :

1 – لكل من التزم بأداء شيء أن يمتنع عن الوفاء به، ما دام الدائن لم يعرض الوفاء بالتزام مترتب عليه بسبب إلتزام المدين ومرتبط به، أو ما دام الدائن لم يقم بتقديم تأمين كاف للوفاء بالتزامه هذا.

2 – ويكون ذلك بوجه خاص لحائز الشيء أو محرزه إذا هو أنفق عليه مصروفات ضرورية أو نافعة، فإن له أن يمتنع عن رد هذا الشيء حتى يستوفي ما هو مستحق له، إلا أن يكون الإلتزام بالرد ناشئاً عن عمل غير مشروع”.

فهذا النص يفترض شخصين كل منهما دائن للأخر ومدين له، والتزام كل منهما مترتب على التزام الآخر مرتبط به فيكون هذا الإرتباط أساساً للحق بالحبس، سواء كان أساس المديونية عقد أو غير عقد .

فالدائن بغير عقد کالحائز بحسن نية الذي ينفق على الشيء مصروفات ضرورية أو نافعة يكون له الرجوع على مالكه بهذه المصروفات فهو مدين له برد الشيء ودائن له باسترداد المصروفات والإرتباط واضح ما بين الإلتزام برد الشيء والإلتزام باسترداد المصروفات، لذلك يجوز للحائز أن يمتنع عن تنفيذ التزامه حتى يتقاضى من المالك حقه وهذا هو الحق في الحبس .

وهكذا فالحق في الحبس يتمثل في بعض صوره تطبيقاً للدفع بعدم التنفيذ، وذلك في مجال العقود التبادلية ولكن الحق في الحبس، في صور أخرى له أعم وأشمل وأوسع نطاقاً من الدفع بعدم التنفيذ فهو يثبت حتى خارج نطاق العقود بوجه عام كما أن الدفع بعدم التنفيذ في نطاق العقود التبادلية، أعم من حق الحبس إذ أنه يباشر للإمتناع عن كافة الإلتزامات وليس فقط عن الالتزام بتسليم شيء .

شروط التمسك بالدفع بعدم التنفيذ

يشترط للتمسك بالدفع بعدم التنفيذ توافر الشروط الآتية :

الشرط الأول : أن يكون العقد ملزماً للجانبين :

يشترط أن يكون العقد ملزماً للجانبين كالبيع والمقايضة والإيجار والهبة بعوض أما العقود الملزمة لجانب واحد كالهبة بدون عوض، فلا مجال فيها للدفع بعدم التقي وهذا أمر تقتضيه فكرة السبب في العقود التي يستند إليها الدفع بعدم التنفيذ، فأس الدفع التقابل بين الإلتزامات على طرفي العقد بشرط أن يكون هذا التقابل في عقد واحد .

أما في العقود الملزمة لجانب واحد كالوديعة بغير أجر حين ينفق المودع لديه مصروفات ضرورية أو نافعة على الشيء المودع، فيثبت فيها حق الحبس، ففي هذه المثال يحق للمودع لديه أن يحبس الشيء المودع حتى يستوفي هذه المصروفات أو يقدم المودع ضماناً .
وإذا فسخ العقد الملزم للجانبين الذي نشأ عنه الالتزامات وقام واجب الرد في حق المتعاقدين كان سند أحدهما في الامتناع عن الرد حتى يقوم الآخر بالرد هو الحق في الحبس وليس الدفع بعدم التنفيذ .

واستخلاص التقابل بين الإلتزامات، من سلطة قاضي الموضوع التقديرية طالما قام على أسباب سائغة.

الشرط الثاني: أن يكون الإلتزام الذي يدفع بعدم تنفيذه مستحق الأداء يشترط أن يكون الإلتزام الذي يدفع بعدم تنفيذه مستحق الأداء.
فإذا كان أحد الإلتزامين المتقابلين قد أصبح إلتزاماً طبيعياً، كما لو سقط بالتقادم فإن الدفع بعدم تنفيذه لا يجوز لأنه غير واجب الأداء.
وكذلك لا يجوز الدفع إذا كان الإلتزام المقابل غير مستحق الأداء الاقترانه باجر ومثال ذلك أن يبيع شخص ماله بثمن آجل، أي بثمن يستحق في تاريخ لاحق، ثم يجيء المشتري فيطالب البائع بالتسليم، فلا يحق هناك للبائع أن يمتنع عن تنفيذ التزامه بالتسليم، أي لا يحق له أن يحبس المبيع، طالما أن الأجل الذي منحه للمشتري لم يحل بعد.

إلا أنه يستثنى من الأجل، الأجل القضائي أي نظرة الميسرة التي يمنحها القاضي، فنظرة الميسرة التي يمنحها القاضي للمدين لا تمنع دائنه من أن يتمسك في مواجهته بالدفع بعدم التنفيذ إذا ما طالب الأول الثاني بحقه عليه فنظرة الميسرة تمنح للمدين لمجرد الرأفة والتيسير عليه بإمهاله في الوفاء، فليس له أن يستغلها بالمبادرة بطلب حق متذرعا بإرجاء أداء ما عليه، وإلا كان ذلك منه تجافيا لمقتضيات حسن النية الذي يوجبه القانون في تنفيذ العقود المادة (148/1) وخروجاً عن روح الميسرة .

لا يشترط أن يكون عدم التنفيذ ناشئاً عن خطأ أو غش:

لا يشترط التمسك بالدفع بعدم التنفيذ أن يكون عدم تنفيذ المتعاقد الأخر لإلتزامه ناشئاً عن خطأ أو غش، إذ يكفي عدم التنفيذ ولو كان السبب أجنبي .

تعادل عدم التنفيذ الكلي وعدم التنفيذ الجزئي:

الأصل أن المتعاقد له أن يتمسك بالدفع بعدم التنفيذ حتى لو كان عدم التنفيذ جز إذ المتعاقد إنما يريد الالتزام كاملاً ويعتبر إهداراً لإرادته إذا أرغم على تنفيذ التزامه مع أنه لا يحصل إلا على جزء من حقه دون الجزء الآخر ولذلك فالبائع لهن يرفض التسليم إذا لم يدفع له الثمن كاملاً وللمشترى وإن استلم العين أن يمتنع عن دفع الثمن إذا حصل له تعرض أو ظهر سبب يخشى منه نزع الملكية منه إذ هو لا يقصد مجرد الحيازة المادية للعين بل الحيازة الهادئة والمسألة مردها للإرادة : فهناك أحوال يجوز فيها تجزئة الإلتزام وتجزئة ما يقابله فإذا كان التعرض في جزء من العين مستقل بذاته فلا يجوز للمشتري أن يحبس من أجل ذلك كامل الثمن، ويأخذ التنفيذ المعيب حكم التنفيذ الناقص .

الشرط الثالث: ألا يكون عدم تنفيذ المتعاقد الأخر التزامه راجعا إلى تقصير المتمسك بالدفع:

يشترط للتمسك بالدفع بعدم التنفيذ ألا يكون عدم تنفيذ المتعاقد الأخر راجعاً إلى تقصير المتعاقد المتمسك بالدفع.

الشرط الرابع: ألا يكون المتعاقد الذي يتمسك بالدفع مجبراً على أن يقوم هو بتنفيذ التزامه أولاً:

يشترط ألا يكون المتعاقد الذي يتمسك بالدفع مجبراً على أن يقوم هو بتنفيذ التزامه أولاً وقد يحصل ذلك إما بالاتفاق بأن يتفق المتعاقدان على أن يبدأ أحدهما بتنفيذ التزامه، وإما بنص القانون أو طبقاً للعرف الجاري أو العادة ومثال ذلك أن الوكيل بأجر عليه أن يقوم بتنفيذ ما عهد إليه من عمل قبل أن يطالب بأجره.

وأن المؤجر لا يطالب بالأجرة إلا بعد حصول الإنتفاع، والعامل يقدم عمله إلى صاحب العمل قبل أن يتقاضى أجره وصاحب الفندق يقدم خدماته للعميل قبل أن يتقاضى أجره .

ومثال ذلك أيضاً أن يكون ميعاد الوفاء بأحد أقساط الثمن قد حل قبل حلول میعاد التزام البائع بتسليم المبيع، ولم يقم المشتري بالوفاء به، وبعد ذلك حل ميعاد التزام البائع بالتسليم، وأقام الأخير دعوى للمطالبة بالقسط الذي حل أو بفسخ عقد البيع، حينئذ لا يجوز للمشترى أن يتمسك بالدفع بعدم تنفيذ التزامه استناداً إلى أن البائع لم يقم بتنفيذ إلتزامه بالتسليم، ذلك لأن المشتري هو الذي أخل أولاً بتنفيذ التزامه، ولو كان قد رجع على البائع لإلزامه بالتسليم كان للبائع الحق في الدفع بعدم التنفيذ إذ أنه لم يكن هو البادئ بالإخلال بتنفيذ التزامه فإذا لم يرفع البائع دعوى فسخ وقبل القسط بعد ميعاده سقط أثر الإخلال السابق واعتبر كأن لم يكن، بحيث إذا حل بعد ذلك ميعاد تسليم المبيع وأخل البائع بالتزامه بالتسليم، ثم حل بعد ذلك ميعاد أحد الأقساط، جاز للمشتري حبسه، وإذا رفع البائع دعوى لمطالبته بهذا القسط أو بفسخ العقد، كان للمشتري دفعها بحقه في الحبس والدفع بعدم التنفيذ، إذ لا يعتبر هو البادئ بالإخلال بتنفيذ التزامه، إذ اعتبر الإخلال السابق كأن لم يكن، واستمر تنفيذ العقد بعد ذلك.

الشرط الخامس: ألا يتضمن الدفع إساءة لإستعمال الحق:

الحق في التمسك بالدفع بعدم التنفيذ شأنه في ذلك شأن أي حق أخر غيره – يتقيد في استعماله بقاعدة عدم جواز إساءة إستعمال الحق المنصوص عليها بالمادة الخامسة من التقنين المدني، وبقاعدة وجوب تنفيذ العقد على نحو ما يقتضيه حسن النية عملاً بالمادة 1/148 مدنی.
وهكذا فلا يسوغ التمسك بالدفع بعدم التنفيذ على وجه يتعارض مع وظيفته الاجتماعية ومع ما يجب أن يسود التعامل من شرف ونزاهة وحسن النية.

وبالترتيب على ذلك :

1- لا يجوز التمسك بالدفع إذا كان ما بقي من الإلتزام المقابل دون تنفيذ جزءاً يسيراً بالنسبة إلى ما تم تنفيذه ويستطيع المتعاقد في هذه الحالة أن يمتنع عن تنفيذ جزء من التزامه يقابل الجزء الذي لم ينفذ وذلك إذا كان من الممكن تجزئة الإلتزام .
2- لا يجوز للمشتري أن يمتنع عن دفع الثمن بحجة أن هناك خطراً يتهدد العين إذا كان هذا الخطر ليس بجدي.
3- لا يجوز للمتعاقد أن يتمسك بالدفع إذا كان عدم تنفيذ المتعاقد الآخر التزامه يرجع إلى فعله.

كيفية التمسك بالدفع بعدم التنفيذ:

الدفع بعدم التنفيذ – كما يدل عليه اسمه – وسيلة دفاعية وليست هجومية ومؤدى ذلك أن المتعاقد لا يتمسك به إلا إذا طولب بتنفيذ التزامه، إذ يسوغ له أن يدفع المطالبة بعدم أداء ماله .

وللمتعاقد أن يتمسك بالدفع بعدم التنفيذ، سواء طولب بأداء ما عليه ودياً أم قضائياً فإذا طولب خارج ساحة القضاء بأداء ما عليه، كان له التمسك بعدم تنفيذ ما اله، كما له التمسك به فيما بعد لو طولب بتنفيذ التزامه قضاء.

ولا يوجد ما يمنع المتعاقد من التمسك بعدم تنفيذ ماله، في صورة إشكال في التنفيذ بالحق الذي عليه. ويحصل ذلك إذا كان العقد رسمياً، وأريد التنفيذ بمقتضاه أما إذا أريد إجراء التنفيذ بمقتضى حكم واجب النفاذ، فلا يجوز إيقاف هذا التنفيذ عن طريق مجرد التمسك بالدفع، لأن في ذلك مساساً بحجية الأمر المقضي .

عدم ضرورة الإعذار :

لا يحتاج التمسك بالدفع إلى إعذار المتعاقد الآخر قبل التمسك به وهذا بخلاف المطالبة بفسخ العقد فإن الإعذار قبلها واجب بالتفصيل الذي سنراه في موضعه على أن التمسك بالدفع معناه امتناع المتمسك عن تنفيذ التزامه وفي هذا إعذار كاف للمتعاقد الآخر بوجوب تنفيذ الإلتزام الذي في ذمته.
غير أن الإعذار يكون واجباً إذا طالب العاقد بتعويض عن الضرر الذي نجم عن عدم تنفيذ الالتزام طبقاً للقواعد العامة .

عدم تعلق الدفع بعدم التنفيذ بالنظام العام :

الدفع بعدم التنفيذ قاعدة مقررة لإرادة طرفي العقد، وبالتالي ليست متعلقة بالنظام العام.
أن الحق في الدفع يسقط بالتنازل عنه صراحة أو ضمناً ويتحقق التنازل الضمني بقبول الوفاء الناقص أو المعيب قبولا غير مشروط ولا يعتبر قبول الوفاء الجزئي على غير الوجه المتفق عليه تنازلا عن الدفع .

أنه لا يجوز للمحكمة أن تأخذ بالدفع من تلقاء نفسها وإنما يجب أن يتمسك به المتعاقد نفسه، كما لا يجوز للغير التمسك به ففي دعوى صحة ونفاذ عقد البيع، لا يجوز الدفع بعدم تنفيذ المشتري لإلتزامه بدفع الثمن إلا للبائع فلا يجوز هذا الدفع لمشتر ثان بغية الوصول إلى ثبوت الملكية له دون المشتري الأول.

أثر الدفع بعدم التنفيذ :

يترتب على الدفع بعدم التنفيذ أن يقف تنفيذ الإلتزام ويقتصر أثر الدفع على الوقف، فلا يزول الإلتزام كما في الفسخ، بل يبقى كما هو دون نقص في مقداره مثل ذلك أن يقف البائع تنفيذ التزامه بنقل الملكية حتى يدفع المشتري الثمن أو يقف مقاول أعمال البناء اللازمة لإقامة بناء تعهد بإقامته حتى يدفع رب العمل ما تعهد به.

غير أن هناك حالات لا يتصور فيها وقف تنفيذ الإلتزام لأن طبيعته لا تقبل الوقف. ويتحقق ذلك في بعض صور الإلتزام بالإمتناع عن عمل كما إذا تعهد شخص بعدم البناء في مساحة معينة يمتلكها لقاء مبلغ من المال فإذا تأخر الطرف الأخر عن دفع هذا المقابل فليس أمام الطرف الأول إلا أن يبني في هذه المساحة ويكون هذا بمثابة فسخ للعقد .

ولكن ليس معنى ذلك أنه يجب على القاضي أن يرفض بالضرورة دعوى الدائن ، وإنما يسوغ له أن يقضي للمدعي بحقه برغم تمسك المدعى عليه بعدم تنفيذ ما يجب اله، بشرط أن يتضمن قضاؤه أداء الإلتزامين المتقابلين معاً .
وتمسك المتعاقد بالدفع بعدم التنفيذ لا يمنعه أن يطلب فسخ العقد والعكس صحيح.

وإذا كان الإلتزام بتسليم عين فإن الدفع بعدم التنفيذ يختلط بالحق في الحبس كما إذا امتنع البائع عن تسليم العين المبيعة حتى يستوفي الثمن وفي هذه الحالة يجب على الحابس أن يحافظ على الشيء وفقاً لأحكام رهن الحيازة وإذا كان الشيء يخشى عليه الهلاك أو التلف فللحابس أن يحصل على إذن من القضاء في بيعه وفقاً للأحكام المنصوص عليها في المادة 1119 مدنی وينتقل الحق في الحبس من الشيء إلى ثمنه وهذا ما تقضي به القواعد العامة في الحق في الحبس المنصوص عليها في المادة 247 مدنی

أثر وقف التنفيذ في عقود المدة :

أن أثر الدفع في تنفيذ الإلتزام، ينحصر في وقف تنفيذ الإلتزام، ويبقى الإلتزام كما هو دون أي نقص في مقداره خلال فترة الوقف، وإن كان الحكم في عقود المدة يختلف، إذ أن وقف تنفيذه خلال فترة معينة يترتب عليه نقص في كم الإلتزام، كما لو منعت شركة التيار الكهربائي عن المستهلك خلال فترة معينة لامتناعه عن أداء إلتزامه نحوها، ذلك لأن ما يفوت من الزمن في تلك العقود لا يعوض. وبذلك لا يعتبر العقد قد نفذ نهائياً في حدود المدة التي منعت الشركة فيها توريد التيار الكهربائي، ومن ثم ينقص التزام المتعاقد بهذا المقدار، وكذلك لو أن المستأجر تأخر في دفع الأجرة فامتنع المؤجر عن تنفيذ إلتزامه بتمكين المستأجر من الإنتفاع مدة من الزمن، فإن المؤجر أثناء هذه المدة يعتبر أنه لم ينفذ التزامه نهائياً لا مؤقتاً وبذلك ينقص بهذا المقدار .

أثر الدفع بالنسبة للغير :

يسرى الدفع في حق الغير إذا كان هذا الغير قد کسب حقه بعد ثبوت الحق في التمسك بالدفع فلو أن هناك بيعاً وتأخر المشتري في دفع الثمن ثم باع العين التي اشتراها لمشتر ثان أو رهنها لدائن مرتهن، فإنه يجوز للبائع أن يحبس العين المبيعة ويتمسك بالدفع ضد المشتري الثاني أو الدائن المرتهن وذلك لأن المشتري لا يستطيع أن ينقل إلى خلفه أكثر مما كان له من حقوق، وقد كانت حقوقه قبل البائع خاضعة للحبس ولو قيل بغير ذلك لفقد الدفع قيمته العملية، إذ يكفي لكي يتخلص المدين منه أن يتصرف في الشيء فيضطر الدائن إلى التخلي عنه أما إذا كان الغير قد كسب حقه قبل ثبوت الحق في التمسك بالدفع فإن الدفع لا يسري في مواجهته فإذا رهن شخص منزله ثم سلمه إلى مستأجر وبعد ذلك باعه فأراد المشتري أن يتسلم المنزل قبل نهاية عقد الإيجار فإن الإيجار إذا كان غير ثابت التاريخ لا ينفذ في حق المشتري وفي هذه الحالة يصبح للمستأجر الحق في تعويض يتقاضاه من المؤجر ويستطيع أن يحبس العين من أجله في مواجهة المشتري (م 605/2 مدنی)، ولكن لا يحق له أن يتمسك بالحبس ضد الدائن المرتهن لأن الرهن سابق على ثبوت الحق في الحبس .

الدفع بعدم التنفيذ في العقود الإدارية :

لا يجوز في مجال العقود الإدارية، التمسك بالدفع بعدم التنفيذ للمتعاقد مع جهة الإدارة وإن كان ذلك يقع جائزاً لجهة الإدارة نفسها فالمتعاقد من جهة الإدارة لا يستطيع أن يمتنع عن أداء التزاماته، تأسيساً على أن جهة الإدارة قد تقاعست عن الوفاء بإلتزاماتها نحوه، ما لم يترتب على هذا التقاعس صيرورة التزاماته هو مستحيلة الأداء وعلة هذا الحكم واضحة فالمصلحة العامة تأبى أن يتعطل أو يتأخر تسيير المرفق العام، لمجرد أن المتعاقد مع الإدارة لم يستوف حقه في ميعاده، سيما وأن جهة الإدارة تتسم عادة باليسر والاقتدار في أداء التزاماتها بل إن مراعاة المصلحة العامة وتغليبها عند التعارض مع المصلحة الخاصة، جعلت الفكر القانوني في تنظيمه للعق الإداري، ينظر إلى المتعاقد مع الإدارة، لا على أنه مجرد متعاقد عادی، بل علی اعتبار أنه إلى جانب صفته التعاقدية يؤدي واجب التعاون مع الإدارة في تسيير المرفق العام وإذا كان السائد في الفكر القانوني هو منع المتعاقد مع جهة الإدارة من التمسك بعدم التنفيذ إلا أننا نجد بعضا من الفقهاء يمنحونه التمسك به، إذا لم يكن في ذلك تعطيل لسير المرفق العام.
(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء الثاني الصفحة 730)

تعريف الدفع بعدم التنفيذ وسنده :

هو حق كل متعاقد في العقود الملزمة للجانبين بعدم تنفيذ التزامه الحال في مواجهة المتعاقد الآخر الذي لم ينفذ التزامه المقابل الحال الناشئ عن العقد ذاته – فالأصل في العقود الملزمة للجانبين وفقاً لنية طرفيها تعاصر تنفيذ الإلتزامات المتقابلة ، ويستند هذا الحق الى سبب الالتزام بالمعنى الفني التقليدي حيث يتمثل سبب التزام كل من العاقدين في التزام العاقد الآخر .. ويتضح من ذلك أن الدفع بعدم التنفيذ ليس له طابع جزائي بل هو ذو طابع وقائي يهدف كفالة استمرار التعاصر الزمني بين الالتزامات الحالة المتقابلة.

طبيعة الدفع بعدم التنفيذ :

الراجح أن الدفع بعدم التنفيذ له طبيعة الأجل بما يقرب بين أحكام الإلتزام الذي يتمتع صاحبه برخصة الامتناع عن تنفيذه، وبين أحكام الأجل .. فتنتفي عنه شبهة التقصير ولا تجب عليه فوائد المبالغ موضوع الإلتزام ولا يحتج عليه بالمقاصة فيه ، ويجوز الاحتجاج به في مواجهة الغير ، وإذا وفي صاحبه التزامه سقط حقه في الدفع فامتنع عليه استرداد ما أوفى ، وإذا رفعت على صاحبه دعوى بإلزامه بأداء التزامه حكم فيها القاضي برفضها لكون الإلتزام غير حال الأداء .. أما باقی آثار الأجل فهي لا تتسق وطبيعة الدفع (يراجع في تفصيل ذلك حجازي في البنود 524 حتى 526).

تمييز الدفع بعدم التنفيذ عن الحق في الحبس :

من السائد القول بأن الحق في الحبس ليس الا تطبيقاً للدفع بعدم التنفيذ، أو القول بأن الدفع بعدم التنفيذ هو صورة الحق في الحبس في نطاق العقود الملزمة للجانبين .. وعلى ذلك يجدر التمييز بينهما .. ومن أبرز الفروق بينهما ، أن الدفع بعدم التنفيذ يفترض وجود رابطة عقدية بين طرفين، في حين أن الحق في الحبس لا يستلزم وجود هذه الرابطة ويكتفى بإرتباط الإلتزامين ولو كان مصدر أحدهما مركزاً واقعياً .. والدفع بعدم التنفيذ يشترط فيه تقابل التزامين ناشئين عن نفس العقد ، في حين أن في الحق في الحبس يكفي أن يكون هناك ارتباط بين الشيء الذي يحبسه الحابس وبين التزام ملقى على عاتقه .. ويترتب على هذا الفارق عدة نتائج من أهمها أنه يشترط للتمسك بعدم التنفيذ على ما سنرى ، حسن النية وهو شرط غير لازم في الحبس، وإن الحابس يزول حقه في الحبس إذا قدم الطرف الآخر تأميناً كافياً، وهو ما لا يسقط الحق في التمسك بعدم التنفيذ (يراجع في تفصيل ذلك حجازي في البندين 530 و 531 ).

شروط التمسك بالدفع بعدم التنفيذ :

يشترط للتمسك بالدفع بعدم التنفيذ توافر أربعة شروط أولها أن يكون الإلتزامان متقابلين وناشئين عقد ملزم للجانبين يربط الطرفين، وثانيها أن يكون الإلتزام المقابل الذي يستند صاحب الدفع إلى عدم تنفيذه ، حال الأداء ، وثالثها ألا يكون المتمسك بالدفع ملزما بالوفاء أولاً ، ورابعها أن يكون المتمسك بالدفع حسن النية .. فإن توافرت هذه الشروط الأربعة لم يلزم بعد ذلك ثبوت خطأ الطرف الآخر.. ولا يلزم استئذان القضاء، ولا يلزم الأعذار ، كما لا يلزم عرض الوفاء .

فيشترط أن يكون الإلتزامان متقابلين وناشئين عن عقد تبادلي ملزم للجانبين ، ولا يغني أحد الشرطين عن الآخر ، فإذا كان الالتزامان متقابلين ولكنهما غير ناشئين عن عقد ملزم للجانبين امتنع الدفع بعدم التنفيذ .. وإن أمكن قيام الحق في الحبس .. وإذا ابطل أو فسخ العقد الملزم للجانبين الذي نشأ عنه الإلتزامان وقام واجب الرد في حق المتعاقدين کان سند أحدهما في الإمتناع عن الرد حتى يقوم الآخر بالرد هو الحق في الحبس وليس الدفع بعدم التنفيذ .. ولكن لا يلزم أن يكون كل من الإلتزامين من الإلتزامات الرئيسية إذ كل التزام لم ينفذ يصلح سنداً للطرف الآخر للدفع بعدم تنفيذ التزامه مع مراعاة شرط حسن النية ، ( قارن الصدة بند 385 حيث يرى أنه لا يجوز الامتناع عن تنفيذ التزام رئیسی استناداً إلى عدم تنفيذ الطرف الآخر التزاماً ثانوياً ) ويقتصر إعمال الدفع بعدم التنفيذ على العقود الملزمة للجانبين فلا مجال لإعماله في العقود الملزمة لجانب واحد أو في العقود التبادلية الناقصه كعقد الوديعة بالنسبة إلى ما أنفقه المودع لديه لحفظ الشيء المودع، أو في الإلتزامات غير التعاقدية كالشأن في الإثراء بلا سبب او الفضالة عند اختلاف العقد الناشئ عن كل من الإلتزامين وإن جاز أن يعمل في هذه الحالات حق الحبس (يراجع في تفصيل ذلك حجازی بند 535 و 561 و 562 – السنهوري بند 494 – جمال زكي بند 223 – الشرقاوي بند 87 – البدراوى بند 417 – الصدة بند 382 – حمدي عبد الرحمن ص 642).

ويشترط في الالتزام المقابل الذي يتمسك الدافع بعدم تنفيذه، أن يتخلف الطرف الآخر عن تنفيذه، رغم كونه حالاً واجب الأداء ، فلا يصلح الاستناد الى عدم تنفيذ الطرف الآخر لإلتزام طبيعي أو مضاف إلى اجل واقف أو تقتضي طبيعته أو العرف الجاري في المعاملات تراخي تنفيذه كالتزام رب العمل في أداء الأجر أو التزام النزيل بأداء مقابل الخدمة الى صاحب الفندق، ولا تمنع نظرة الميسرة التي يمنحها القضاء على الطرف الآخر من اعتبار التزامه حالاً مستحق الوفاء ..

فإذا كان الإلتزام حالاً واجب التنفيذ فإنه يكفي للاستناد إلى عدم تنفيذه أن يتخلف عن تنفيذه على النحو المقصود سواء كان ذلك كليا أو جزئيا أو معيبا إذ يأخذ التنفيذ المعيب حكم التنفيذ الناقص (مع مراعاة شرط حسن النية)، ولا يلزم أن يكون عدم التنفيذ ناشئاً عن خطأ أو غش، اذ يكفي عدم التنفيذ ولو كان لسبب أجنبي ، ولا يلزم للتحقق من عدم التنفيذ صدور حكم بذلك .. وفي الجانب المقابل لا يلزم لتخلص الطرف الآخر من آثار الدفع بعدم التنفيذ اتباعه إجراءات الوفاء الجبرى التي تستهدف إبراء الذمة جبراً عن الدائن إذ الفرض أن المتمسك بالدفع لا يمتنع عن قبول الوفاء بالإلتزام المقابل بل هو يشكو من عدم الوفاء اليه ( يراجع في تفصيل ذلك حجازي في البنود 537 حتی 539 – السنهوري بند 495 – جمال زكي بند 223 – الشرقاوي بند 78 – البدراوى بند 417 – الصدة بند 384 – حمدي عبد الرحمن ص 644) .

يشترط ألا يكون المتمسك بالدفع ملزماً بالوفاء اولا ويرجع في ذلك الى العقد من جهة ، والى طبيعة الالتزام من جهة أخرى والتي قد تتأبى على المعاصرة كالشأن في عقود المدة ، مع ملاحظة أن حرمان المتعاقد فيها من الدفع بعدم التنفيذ يقتصر على فترة واحدة من فترات التنفيذ ، فإذا انتقل إلى فترة أخرى كان له أن يمتنع عن أداء لاحق حتى يستوفي الأداء السابق للطرف الآخر ( حجازی بند 540 – السنهوري بند 495 ) ،

كما يرجع في ذلك إلى ما جرت عليه المعاملات والعرف كالشأن في أداء النزيل مقابل خدمة الفندق (حجازی بند 540 حتى 544 – السنهوري بند 495) .

ويشترط أن يكون المتمسك بالدفع حسن النية : ولا يقاس حسن النية بالمعيار الشخصي الذي يعتد بالإعتقاد غير الصحيح الناشئ عن الجهل بحق الغير كالشأن في دفع غير المستحق أو وضع اليد أو الوكالة بغير إنابة ، أو الناشئ عن مظهر خادع كالشأن في الوارث الظاهر وباقي تطبيقات نظرية الأوضاع الظاهرة أو الصورية او وضع اليد على المنقول ودعوى عدم نفاذ التصرف أو اكتساب الملكية بالتقادم الخمسى وإنما يقاس حسن النية بمعيار مادي موضوعي وهو المسلك الذي يتفق مع الأمانة والثقة والتعاون الواجب في المعاملات، وهو ما يقتضي من القاضي في بحثه شرط حسن النية أن يقتصر على بحث الوقائع والظروف من الناحية الموضوعية بغض النظر عن إعتقاد المتمسك بالدفع ، وقد ذهب جانب من الفقه إلى انه يجب على القاضي أن يستند في تقدير حسن النية الى ثلاثة عناصر أولها التعاقب بأن يكون اجلى التزام المتمسك بالدفع لاحقاً لاجل الالتزام المقابل الذي يتمسك بعدم تنفيذه، فإن كان الأول سابقاً وتراخي في تنفيذه حتى حل أجل الإلتزام المقابل انتفي حسن النية .. فإن كان الإلتزامان متعاصرين وجب أن يكون امتنع الطرف الآخر عن تنفيذ الإلتزام المقابل الذي يتمسك صاحب الدفع بعدم تنفيذه سابقاً على إمتناع الأخير.. وثانيها علاقة السببية بأن يكون إمتناع المتمسك بالدفع ناشئاً عن امتناع الطرف الآخر ای آن يكون هذا الإمتناع الأخير هو السبب الوحيد و المبرر القانوني لدى المتمسك بالدفع بالإمتناع عن تنفيذ التزامه، وثالثها التناسب بألا يكون الباقي من الإلتزام المقابل الذي يستند صاحب الدفع الى عدم تنفيذه قليل الأهمية بالنسبة إلى ما تم تنفيذه منه أو بالنسبة الى التزام صاحب الدفع، ويرى البعض أنه يمكن للآخر في هذه الحالة أن يمتنع جزئياً عن تنفيذ التزامه بما يتناسب مع الجزء المتخلف من الإلتزام المقابل وعلى كل، فالقاعدة أن حسن النية مفترض وعلى من يدعي انتفاءه اقامة الدليل على ادعائه ( يراجع في تفصيل ذلك حجازی بند 545 حتى 550- يراجع أمثلة قضائية بالسنهوري هامش بند 495 – ويراجع جمال زکی بند 223 – الشرقاوي بند 78 ).

والتمسك بالدفع بعدم التنفيذ وإن كان الأصل الا يلزم أن ترفع دعوى بتقريره أو إقراره بل يجوز التمسك به خارج القضاء، أو كدفع في الدعوى التي ترفع على صاحبه من الطرف الآخر إلا أنه ليس ثمة ما يمنع من أن يرفع صاحبه دعوى بتقريره او اقراره ( حجازی بند 517 ) ولا يجوز أن يتمسك به إلا من كان طرفاً في العقد الناشئ عنه الالتزام أو خلفه العام أو خلفه الخاص .. ومن جهة أخرى لا يجوز الاحتجاج به قبل من لم يكن طرفاً في هذا العقد ( أو خلفه العام أو خلفه الخاص بالشروط التي سنعرض لها ) أو من لا يستند إلى هذا العقد ( حجازی بند 556 ) ويقع على عاتق من يتمسك بالدفع عبء اثبات عناصره ، ولكن يكفيه في هذا الصدد أن يثبت العقد الناشئ عنه الإلتزامان المتقابلان بإعتبار الواقعة المنشئة لحقه في الدفاع ، وعندئذ ينتقل عبء الإثبات على الطرف الآخر لإثبات وفائه بالالتزام المقابل الذي يستند صاحب الدفع الى عدم تنفيذه .. ومن البديهي أن التمسك بالدفع بعدم التنفيذ لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً في الدعوى التي ترفع عليه ومن ثم يجوز إبداؤه فی ای وقت ولو لأول مرة أمام محكمة الاستئناف، غير أنه لا يجوز التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه دفاع يخالطه واقع . ( يراجع في تفصيل ذلك حجازی فی البنود 517 و 551 حتى 559).
ولا يلزم في التمسك به سبق الأعذار ويسقط الحق في الدفع بالتنازل عنه صراحة أو ضمنا ، ويتحقق التنازل الضمني بقبول الوفاء الناقص او المعيب قبولا غير مشروط ( حجازی بند 518).

وفي شأن التقادم فإنه وإن كان من المقرر أن التقادم لا يرد على الدفوع إلا أنه يثور التساؤل حول الحالة التي يكون التزام الطرف الآخر المقابل الإلتزام صاحب الدفع قد سقط بالتقادم بينما ظل التزام هذا الأخير نافذاً ، فيرى البعض أن الأخير يملك بالرغم من ذلك أن يدفع دعوى الطرف الآخر بالدفع بعدم تنفيذ هذا الأخير لإلتزامه رغم سقوطه بالتقادم ويستند في ذلك إلى قاعدة عدم ورود التقادم على الدفوع (حجازی بند 569 ) .. ولكننا نرى عدم سلامة هذا الرأي لأن الأمر لا يتعلق بسقوط الدفع بالتقادم أو عدم سقوطه ، وإنما هو يتعلق بشروط الإلتزام المقابل الذي يستند صاحب الدفع الى عدم تنفيذه وقد رأينا أنه يتعين أن يكون إلتزاماً قانونياً حالاً واجب التنفيذ ، وهو ما لا يتوافر في الإلتزام الذي سقط بالتقادم لأنه عندئذ لا يكون واجب التنفيذ وإن تخلف عنه إلتزام طبيعي فلا يصلح الإستناد إلى عدم تنفيذه في التمسك بالدفع بعدم التنفيذ. (التقنين المدني في ضوء القضاء والفقه، الأستاذ/ محمد كمال عبد العزيز، طبعة 2003 الصفحة/ 1153)

اترك تعليقًا